-A +A
عبده خال
مع عودة الجدل حول حقيقة الأطباق الطائرة، يمكن تجدد العقل البشري، وإفاقته من أجل تقدير الله حق قدره «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ» (67) الزمر.

فمعظم الناس يتعاملون مع الله في الحدود الدنيا من المعرفة، وكل المنتمين للديانات الثلاث رسّخوا في أذهان التابعين أو المنتمين صورة مبسطة عن خالق الكون، والقصص الدينية مجتمعة تحركت في فضائها المعرفي المحدود وفق زمنيتها، فأمسكت الأذهان صوراً محددة، لا تبتعد تلك الصور عن الحدود الدنيا للخالق.


ومع تشابك الديني والأسطوري في مرويات بسيطة، كانت فيه الأسطورة هي خارطة الطريق حتى بعد نزول الرسالات السماوية، والتي أرادت إحداث طفرة توعوية لتأسيس النظرية المعرفية والتي يبنى عليها لكشف أسرار الكون، ومع مرور الزمن وتراكم الخبرات والمعرفة، سخّر الله عقولاً فذة، لتصل إلى فتق أسرار لم تكن في عقول بعض رجال الدين.

وتشهد وقائع تاريخية أن علماء أفذاذاً نقلوا العالم من الحركة البسيطة البطيئة إلى عالم العلم الأرحب.

ولأن بعض المجتمعات الدينية (بعض معتنقي الديانات الثلاث) حوّلوا الدين إلى سلطة لا يرغبون أن يتفلت من سطوتهم أحد، لذلك تمت محاربة هؤلاء الذين قدروا حق الله حقاً، من خلال مكتشفاتهم، واختراعاتهم، فنقلوا العلوم، ونقلوا ما هو مجرد إلى واقع أصبح الناس يتعاملون مع ذلك المستحيل على أنه بدهي.

والآن نعلم من خلال النظريات، واكتشاف المجرات أن الكون في حالة انفجار دائماً، وبشكل مستمر، ومع هذا العلم، لا يزال ثلة من الناس تظن أن الكون لا يحمل من عاقل إلا هُم، وألغوا مخلوقات لا يعرفون عنها شيئاً، فالتفكير السائد هو تفكير الذي يرى في وجوده إلغاء لمن لا يشبهه في القوة، أو في الوجود.

وإذا قيل لك أن مجرة من المجرات تبتعد عنك ألف سنة ضوئية، فماذا تزن الأرض بجرمها وكل مخلوقاتها أمام خلق الله في الكون؟

بالنسبة لي أؤمن أن هناك ملايين المخلوقات العاقلة، ومهم جداً أن لا نقيس العقل بما تواطأت عليه المعارف البسيطة، ونعلم أن الإنسانية عبر التاريخ إلى ما قبل مائة سنة بمفهوم الأبعاد الثلاثة، وعندما نبه أنشتاين بوجود البعد الرابع (الزمن) تغيرت مفاهيم كثيرة، فكيف بنا ونحن نقرأ أن الأبعاد أصبحت 12 بعداً.

لا تغتروا بهذه الأرض ومخلوقاتها، فالله عندما خلق لم يستفتنا في خلقه، فخلق ما نعلم وما لا نعلم، وهناك أمم عجزنا عن حصرها في أرضنا، فكيف نتطاول على إلغاء مخلوقات سابحة في الكون لها علمها، ووجودها.

وعلى الأقل نحن أمة القرآن علينا أن نؤكد على وجود عوالم في الأرض والسماء سوف يأتي زمن للتواصل مع تلك الأمم.

ويكفي أن نقرأ هذه الآية:

«وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ» (38) الأنعام

«بجناحيه» أفهم منها أي أمم تتواجد خارج فضائنا الأرضي، فكم من مليارات الأنجم، وآلاف المجرات.

فلا نغتر بأنفسنا، وإن الله لم يخلق من عقلاء سوى الإنس والجن.. اقدروا الله حق قدره.